الهزيمة النفسية أقسى انواع الهزائم

كانت الامة الاسلامية عند الغزو التتري تعاني من انهزام القلب وانهيار الشخصية أمام الخصم أو العدو حتى قبل المعركة؛ ونتيجتها الاستسلام والانسحاب من المواجهة وقد روي ابن الأثير في الكامل عن احداث سنة 628 هو هذا الذي سمعه مباشرة من الذين كتبت لهم النجاة من هجمات المغول الوحشية على المدن الاسلامية فيقول : - كان التتري يدخل القرية بمفرده، وبها الجمع الكثير من الناس فيبدأ بقتلهم واحدا تلو الآخر، ولا يتجاسر أحد المسلمين أن يرفع يده نحو الفارس بهجوم أو بدفاع!!. - أخذ تتري رجلا من المسلمين، ولم يكن مع التتري ما يقتله به، فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح، فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفا ثم قتله!!.. - ويحكي رجل من المسلمين لابن الأثير فيقول: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلا في طريق، فجاءنا فارس واحد من التتر، وأمرنا أن يقيد بعضنا بعضا، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلت لهم: هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب؟!! فقالوا: نخاف، فقلت: هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله، فلعل الله يخلصنا، فوالله ما جسر أحد أن يفعل ذلك، فأخذت سكينا وقتلته، وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير!!..
اثناء غزو التتار لأقاليم أذربيجان دخل التتار بلدة اسمها "بدليس" (في جنوب تركيا الآن) وهي بلدة حصينة جدا ليس لها إلا طريق ضيق جدا بين الجبال.. يقول أحد سكانها: لو كان عندنا خمسمائة فارس ما سلم من جيش التتار واحد؛ لأن الطريق ضيق، والقليل يستطيع أن يهزم الكثير.. ولكن - سبحان الله - هرب أهلها إلى الجبال وتركوا المدينة للتتار فقاموا بحرقها!! كان كل مسلم قبل أن يقتل يستحلف التتري بالله ألا يقتله.. يقول له: "لا بالله لا تقتلني"، فمن كثرة ما سمعها التتار، أخذوا يتغنون بكلمة "لا بالله".. يقول رجل من المسلمين اختبأ في دار مهجورة ولم يظفر به التتار: إني كنت أرى التتر من نافذة البيت بعد أن يقتلوا الرجال ويسبوا النساء، يركبون على خيولهم وهم يلعبون ويضحكون يغنون قائلين: "لا بالله.. لا بالله"، وهذه - كما يقول ابن كثير: "طامة عظمی وداهية كبرى فإنا لله وإنا إليه راجعون.." كان هذا هو وضع المسلمين في ذلك الوقت.. هزيمة نفسية مرة واجتياح تتري رهيب حتى ان المماليك في مصر أرادوا مهادنه التتار وعدم حربهم!! وقام قطز بقطع أعناق رسل هولاكو وعلق رؤوسهم على أبواب القاهرة ليقطع كل طريق على الأمراء الراغبون في مهادنة التتار فأصبحت الحرب خيارهم الوحيد لهم . الخلاصة : المفروض أن المسلم لا ينهزم أمام التحديات مهما كانت جسيمة ، لأن هذا المسلم جندي من جند الله، ينفذ به أمر السماء فلا ييئس؛ ليقينه بأن ربه هو الذي يدير المعركة، فلا تسحقه المشكلات رغم ضراوتها، ولا تهزمه المكاره وإن اجتمعت عليه من كل صوب، نعم، يتألم ويئن، فالنهي لا ينصب على التألم والإحساس بالضر؛ وإنما على السقوط في دركات القنوط و الهوان ومهاوي الحزن الذي يصيب بالشلل الفكري والروحي. .. مناور سلیمان ..

{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
(آل عمران _ الآية139)


🌴
إختيار الأستاذ والباحث
أبو مطلق محمد الشامخ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل من المستحب النوم مع الزوجة في فراش واحد؟